كتب- مصطفى عيد:
تعد دار المحفوظات العمومية في مصر من أحد أهم معالم القاهرة خاصة في بداية العصر الحديث مع عهد محمد علي باشا في القرن التاسع عشر، والتي تحفظ الملايين من الوثائق التاريخية التي تعتبر جزءا من التراث القومي، حيث تعد ثاني أقدم أرشيف في العالم.
ودار المحفوظات العمومية تابعة لمصلحة الضرائب العقارية، والتي تتبع وزارة المالية، وهي تحتوي على العديد من الوثائق التاريخية المهمة، باعتبارها أول "دفترخانة" عربيا وأفريقيا، وثاني أقدم أرشيف بالعالم، وتقع على بعد أمتار من قلعة صلاح الدين بالقاهرة وتسجل وتوثق ذاكرة مصر، منذ نحو 200 عام.
وتحفظ دار المحفوظات العمومية ملايين الوثائق الرسمية والإصدارات الحكومية والخرائط التي تصف تاريخ مصر الحديث منذ عام 1805، أي مع بدء حكم محمد علي باشا.
تاريخ إنشاء دار المحفوظات العمومية في مصر واسمها الأول
تعتبر دار المحفوظات العمومية ثاني أقدم أرشيف في العالم، بعد الأرشيف البريطاني، وقبل الأرشيف الفرنسي، وذلك حينما قرر محمد على باشا، في القرن التاسع عشر، إقامة أول مكان منذ الفتح العربي وحتى عصره مخصص لحفظ وثائق وسجلات الدولة، وأطلق عليه "الدفترخانة".
وتنقسم دار المحفوظات العمومية إلى مبنيين، الأول تم إنشاؤه عام 1829 ويضم حاليًا ورشة الترميم و71 مخزنًا، أما المبنى الثاني تم إنشاؤه عام 1935 ويضم 46 مخزنًا، ووحدة الميكروفيلم.
ويضم الدار ثروة فريدة من الوثائق النادرة والكتب التاريخية، وورشة تعتبر الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، يتم من خلالها ترميم وصيانة السجلات والأوراق القديمة، عبر فريق تزيد خبراته على 30 سنة، سواءً كان الترميم يدويا أو تقنيا باستخدام التكنولوجيا الحديثة، إضافة إلى التجليد؛ للحفاظ على هوية الأمة.
وتضم الدار مضابط البرلمان على مدار تاريخه، وأحكام قضائية منذ القرن التاسع عشر، وأول موازنة، ومعاهدات مصر مع الدول الأجنبية، بالإضافة إلى الخرائط النادرة التي توضح الحدود المصرية، وأول إحصاء لتعداد السكان.
وأحيلت أعمال "الدفترخانة" المصرية إلى مراقبة الأموال المقررة بنظارة المالية (مصلحة الضرائب العقارية حاليا) وذلك في عام 1905، حيث تم تغيير اسمها في ذلك الوقت إلى "دار المحفوظات المصرية"، ثم تم تغيير الاسم إلى "دار المحفوظات العمومية" في عام 1935.
لماذا تم اختيار الموقع الحالي لمقر دار المحفوظات؟
تم إنشاء دار المحفوظات العمومية في موقعها الحالي لعدد من الأسباب منها ما يلي:
1- أنها بجوار مقر حكم البلاد في قلعة صلاح الدين بالقاهرة.
2- وجود الدار بجوار قلعة صلاح الدين يحميها من السرقة نظرا لقربها من مقر الحكم.
3- ارتفاع البناء عن الأرض ليصبح بمنأى عن الرطوبة التي ربما تضر بالمستندات والوثائق المحتفظ بها، وليكون مكانا جيد التهوية.
ما عمل دار المحفوظات العمومية حاليا في مصر؟
يتم من خلال دار المحفوظات العمومية حاليا استخراج شهادات الميلاد والوفيات حتى نهاية عام 1960.
كما يتم استخراج منها مكلفات الأطيان الزراعية والعقارات، والمساحة، حيث تضم دار المحفوظات عشرات الآلاف من مستندات ملكية الأراضي الزراعية والعقارية على مستوى الجمهورية، وشهادات النجاح الدراسية الخاصة بالدبلومات ورخص المحلات التجارية.
خطوات استخراج وثيقة عن طريق دار المحفوظات العمومية
1- يتم كتابة طلب عن نوع الوثيقة المطلوب استخراجها.
2- يتم نقل الطلب إلى إدارة المكلفات التي تقوم بدورها بالبحث في قاعدة بيانات عن الطلب المقدم.
3- تقوم بعد ذلك إدارة المكلفات باستخراج الوثيقة المطلوبة وتقديمها لمقدم الطلب.
ماذا تضم دار المحفوظات العمومية؟
بحسب وزارة المالية، تضم دار المحفوظات العمومية نحو 150 مليون مستند رسمي، وهي تعتبر خازنا أمينا للتاريخ الوظيفي لدواوين ومصالح الدولة المصرية الحديثة، والمواليد والوفيات، وسجلات العربان والعمد والمشايخ، وشهادات الخدمة العسكرية للشخصيات العامة، والخرائط وسجلات المدارس وغيرها من المصالح الحكومية منذ عهد محمد علي.
وتحتوي دار المحفوظات العمومية أيضا على مستندات بلغات عديدة، بالإضافة إلى اللغة العربية، ومن هذه اللغات التركية والبلغارية والفرنسية والإنجليزية.
كما تضم دار المحفوظات مكتبة للكتب النادرة تضم 10 آلاف و833 كتابا، وأيضا جميع معاهدات مصر مع الدول الأجنبية من أيام الدولة العثمانية.
وتضم الدار كذلك 27 ألفا و500 من الخرائط النادرة لمصر والعالم حيث توضح حدودها مع دول الجوار، وعشرات الآلاف من حجج ملكيات الأراضي الزراعية والحجج الشرعية لممتلكات أسرة محمد علي، وسجلات القضايا بالمحاكم، والدفاتر الخاصة ببعثات الحج.
وتضم دار المحفوظات كذلك دفاتر بصمة ورخص السلاح والعمد والمشايخ في قرى وعزب مصر، وأول إحصاء لتعداد السكان تم إجراؤه، وأيضا أول ميزانية يتم إعدادها في مصر.
دور دار المحفوظات العمومية في استرجاع طابا لمصر
كان لدار المحفوظات العمومية الفضل في عودة طابا إلى أحضان الوطن بعد احتلالها من الكيان الصهيونى، عندما نجحت مصر فى يوم 19 مارس عام 1989 في رفع العلم المصري عليها اعتمادا على خريطة تاريخية مسجلة دوليا، محفوظة بداخل دار المحفوظات واستخدمتها مصر بمحافل التحكيم الدولية.
مشروع لميكنة الوثائق التاريخية بدار المحفوظات وتسهيل استخراجها إلكترونيا
الصورة النمطية في أذهان الكثير من المصريين عن طريقة استخراج الوثائق من دار المحفوظات والتي جسدها أحد المشاهد الكوميدية بفيلم "عوكل" للفنان محمد سعد، ستعد شيئا من الماضي خلال الفترة القليلة المقبلة، مع ما أعلنته وزارة المالية أمس.
وقالت وزارة المالية في بيان لها أمس الخميس، إن هناك مشروعا لميكنة الوثائق التاريخية المهمة في "دار المحفوظات"؛ بما يتسق مع الجهود التي تبذلها الدولة للتحول التدريجي إلى "مصر الرقمية"، عبر توظيف أحدث التكنولوجيات والخبرات الدولية في تحسين الخدمات العامة المقدمة للمواطنين.
ويسهم مشروع "رقمنة دار المحفوظات العمومية" في التيسير على المواطنين، حيث من المستهدف إتاحة استخراج شهادات الميلاد والوفاة المسجلة بالدفاتر حتى نهاية عام 1960 ومكلفات الأراضي الزراعية إلكترونيًا، بعد الانتهاء من مشروع الرقمنة، وفقا للوزارة.
وأشارت وزارة المالية إلى أن ذلك يأتي على النحو الذي يخفف عن المواطنين بالمحافظات مشقة السفر من مقار إقامتهم إلى موقع "دار المحفوظات" بالقاهرة.
تعليقات
إرسال تعليق